جلست بين كمية الملابس الكبيرة ، وبدأت في ترتيبها بعد أن غسلتها ونشرتها تحت أشعة الشمس وبينما هي كذلك تقدم منها وطبع على خدّها قبلة .
- هي : هلا ، وما مناسبتها ؟
- هو : أبدا ، أحبكِ كثيرا .
- هي : أدام الله المعروف
- هو: أيجبُ أن تكون بمناسبة ؟
- هي : أفضلُ ذلك
- هو : هل من معترض ؟
- هي : إنني أقبلها منك ، مذ عرفتك صغيرا ً ، غير أن المعارضين كُـثر
- هو : حقا ً ، ماذا لو رآنـا أحد من أهلكِ ؟
- هي : حمدا لله ، نجونا من سيل الحمحمـة من قول : احم احم ، وآخر يتفضلُ بقول ِ نحنُ هنا
- هو : ربما ، إنهم يتحفظون مني
- هي : هذا وارد ، لكن لا تزد على ذلك بتقبيلي ( عمّال على بطّال )
- هو : حسنا أحكي لي قصــة البقرةِ الصفراءِ فاقعٌ لونها
- هي : أعجبُ منك يا إسحاق ، لديك أهلك وعلماؤك وأساتذتك ، ومربوك وتأتي لي أنا كي أحكي لك قصــة بقرة بني إسرائيل
- هو : أحبُ الحكايا منكِ ، إن لك طابعٌ خاصٌ في قص ِّ القصص
- هي : لكنني أعيد لك القصص مرات ومرات
- هو : لأنني أحب تعابير وجهكِ ، عيناكِ ، مباسمكِ ، وأنت تقصينها
- هي : أهو غزل ؟
- هو: بل أكثر من الغزل ، أنــا .. أنا
- هي: نعم ، أنت ماذا ؟
- هو: الصراحة ، أنا أحبكِ وأرغبُ في الزواج منك
- هي ( منذهلـة ) : ماذا ؟ ! ، أعد ما قلتــه .
- هو : أحبكِ وأرغبُ في الزواج منكِ
- هي (بنفس الدهشة الذهول ) : هذا ما كان ينقصني .
- هو: وهل ينقصني شيء ؟
- هي (تستعيد ُ قليلا من هدوئها وتبتسم ) الصراحة لا أدري من أين أبدا بالشرح لك ، لكنني أفضل أن توفر علي إحراج حديثي هذا وتنسى مسألة الزواج بي اللأمعقولــة
- هو : وما الذي لا معقول فيها ؟
- هي : أولا عزيزي ، أنت تلميذي وأكاد أكونُ مربية لك منذ صغرك ، ما توقعتُ أن تخطر هذه الفكرة على بالك
- هو : ولكنها خطرت ، وسعيدٌ بها .
- هي : أنت تصغرني بأربعة أعوام وربما خمسة ..
- هو : إنني في العشرينات ، ربما عمري اثنان وعشرون سنة
- هي : بل ستدخل الحادية والعشرين
- هو : إنني كامل الرجولـة ، وأبدوا شابـا جذّابا
- هي : من ناحية شاب جذّاب أنت كذلك ، ولكنني لن أخطب جاذبيتك .
- هو : سأعطيكِ ما تشائين ، سأبني لكِ بيتا ، واشتري لكِ سيارة ، وأقيمُ لك مشاريعا ًبدل المشروع
- هي : عزيزي لا رغبة لي بكنوزك . فمهري أغلى مما تعتقد .
- هو : وما هو مهركِ هذا ؟
- هي : مهري أن تترك ملة أبيك وأمك ، وأهلك ، وتعتنق الإسلام .
- هو : ( بعد قليل صمت وبصوت خافت ) ألا من طريقة لتغيير طلبكِ هذا ؟
- هي : هو طلبي الوحيد ، تهون من أجله كنوزك .
- هو : ولكن أنا متدين ومحافظ ، وعفيفٌ وخلوق ، أيمانعُ دينك بأخلاق ٍ كهذا
- هي : لا يمانع ، ولكن اعتناق الإسلامُ شرطٌ أساسي .
- هو : صعبٌ ما تطلبينه .. لكنني أعدكِ أنني لن أتدخل في دينك ، وسأجعلكِ تصلين صلاتك وتصومين وتزكين وتحجين ، وتمارسين كل طقوس ديانتك ..
- هي : صعب ، في هذه الحالة قد أجبر على العيش باضطراب
- هو : وكيف ذلك ؟
- لا أدري بالضبط ربما ستضطر مثلا للأغتسال كلما أردت الاقتراب مني
- هو : وهل يفعلُ المسلمون ، ذلك عند الاقتراب من نسوتهم
- هي : يكفي أنهم مسلمين
- هو : ولكنني قد أكون أطهرُ من بعضهم ، بنظافتي واهتمامي بالاغتسال ، ونتف الابط وحلق العانة ، وتقليم الأظافر ، لا أشرب الخمر ولا أقرب الزنا ولا أكل الخنزير .. فماذا ينقصني
- هي : عجبي ، ألا يكفي أنك يهودي يا أسحاق
- هو ( ينظر لها بجدية ) : أتقولينها سبّـة أم تحقيقا ؟
- هي : حاشـا ، إنما أذكـّـرك بكونك من ملة وأنا من ملة أخرى ، ثم نساؤكم كثر وهن بمواصفات عاليـة وأصغر مني ، فلماذا تريد الزواج مني ، ما سر هذا الرغبة المفاجئة ؟.
- هو : أنتِ أرقُ امرأة رأيت ، حنونة ، جذّابة ، عفيفـة محافظة ، ومتحررة فكر ومنطق ..
- هي : لكنني مسلمة ، وأنت يهودي ،
- هو : كيف أتنازلُ أنا عن كونكِ مسملة ولا تتنازلين أنتِ عن كوني يهودي
- هي : أنتَ رجل .. ولا غبار عليك ، ربما يصعبُ علي تغييرك ، وأنا الآن بت أخاف على ديني من رغبتك المفاجئة
- هو : لماذا ، لن أمسها بسوء ، أنا أعشقكِ كيفما أنتِ.
- هي : ( بدهشة وتعجب) تعشقني ، متى نضجت كل هذا النضج يا ولد ؟!
- هو : ألا يقولون ، عشق وغرام ؟
- هي : على علمي إن قنوات العفن والكلام المعسول محظورةٌ عليك فمتى عرفت هذه الأمور ؟
- هو : من الكتب ، من الأدب الذي أقرأه
- هي : آهــا ، فأتني أن المسألة مغلفة بجلدين أملسين
- هو : هل تحبينني ؟
- هي : نعم ، أحبك حبا ، لا ينزل إلى مستوى الزواج
- هو : لا ينزل ، لماذا هل الزواجُ دونيـة
- هي : بالنسبة لي ولك ، أرى أن ما كان بيننا قبل كلامك هذا كان أرقى
- هو : أنتِ سياسيـة ، وذكيّة ، تجرينني إلى أن أجزم بدونيّة ما أرغبه منكِ لكنّـك أخطأتِ الهدف ، فالزواج رابطة مقدسـة في عرفكم قبل عرفي
- هي : نعم ، ولكن من شروط أي عمل نُـقِدمُ عليه أن يكون في شرع الله وإتباعا لسنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم
- هو : عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم
- هي : تصلي عليـه ولا تتبعـه ، عجبي
- هو : ألا يكفي أن أعرف قدره ، وأنه حبيبٌ الله ..
- هي : بقي شعرة واحدة فقط لتنطق بالشهادتين ، وبعدها سأعيد النظر في ما تعرضه عليّ .
- هو : لكنني وإن جاريتكِ في المسألة ، سيقف أهلي ضدي ، وسيعادونني
- هي : أريدك مسلما ، ولو كنت لا تملك شيئا من أهلك
- هو : الصراحة أملك الكثير ، ولكن طاعة والديّ واجبــة
- هي : تعاليم بعض يهوديتكم لم يطالها التحريف ، فهاهي تقر بحقوق الديانات ، وتحرم المحرمات ، وتحث على طاعة الوالدين ، إذا لماذا اليهود المغتصبين لفلسطين بتلك الأخلاق المزريـة .
- هو : لأنهم ربطوا الدين بمطامع السياسـة
- هي : السياسة ، السياسـة ،، لم ينجو منها حتى "إسلامنا " فلقد لطختهُ بكثير عفنها .
- هو : لماذا أنتي ماكرة ؟
- هي : ( اتسعت عيناها اندهاشا ) ولد ، من يقول لمعلمته ماكرة ؟!
- هو: نعم لم أرى أحد بذكائكِ ودهائكِ أبدا
- هي : وهل قابلت كل الناس ؟
- هو : إنني يهودي من سلالـة يهوديـة ، عاشرتُ وقرأت عن أمكر الناس وأدهاهم ، لكنكِ تفوقين اليهود ذكاء ودهاء .
- هي : نسيتُ أنكم أبناء العليم ، ونحن أبناء الحليم ، ولكن تذكر أن الحلمُ مفتاح العلم النوراني
- هو : نعم والعلم وحده ، قد يؤدي إلى الخطأ مالم يقرن بخلق الحلم .
- هي : كل ما أفكرُ فيه الآن ، كم من الوقت سأستغرق لأستوعب ما قلته وتقوله لي الآن .. إنني في تعجب واندهاش شديدين
- هو : من رغبتي بالزواج منكِ
- هي : نعم ، لم أتوقع هذا حتى من أحد أقاربك ، فكيف تاتي به أنت ؟!
- هو : لأنني تعاملتُ معكِ بشكل مختلف جدا .. آه أتذكر أروع اللحظات
- هي : أية لحظات
- هو : أول مرة احتضنتني فيها
- هي : يا الله ، ومتى ذلك ،
- هو: تلك المرة التي كنت فيها مريضا
هي : أتعني عندما كنت مريضا وزرتك ، لم احتضنك ، بل وضعت رأسك على كتفي لأشربك العصير ..
- هو : كانت قبل خمس أعوام ، ومازلتُ أشم عبيرها إلى الان
- هي : يا الله ، النجدة ، هذا الشاب سيفقدني عقلي
- هو : سلامة عقلكِ يا حبيبتي
- هي : بل مربيتك ، سمحتُ لك بالحوار لا لتتمادى
- هو : ولكنكِ حبيبتي ، معلمتي كنتي ، أم جارتي
- هي : ذكرني عند عودتك للمنزل يا أسحاق
- هو : بماذا ؟
- هي : أن أخبر المنزل بأن من كانوا يعتقدون أنـه مازال طفلا ، كبر فجأة وبات يريد زواجـا ،،
- هو : وما المانع أخبريهم .. ستسهلين علي الأمر
- هي : لا تقل أنك ستفاتحُ أهلي بموضوع زواجك مني
- هو : نعم ، هذه هي الأصول
- هي : أصول هههههه وهل من الأصول أن يتجرأ يهودي بطلب مسلمة
- هو : إنني صاحب كتاب وديانة مقرٌ بها
- هي : أقسم أنني أواجه أعجبُ قصــة في حياتـي .. لا تدع أحدا يسمعك
- هو : لماذا ؟
- هي : سيتعاطفون مع قصتك ، لاسيما فروع المنظمات الدولية وحقوق الإنسان ، وستوجه الملامة لبلدي إن عارضتُ زواجك مني ، بتهمة اضطهاد الأقليّـات المحبة ..
- هو : أمعقول ، هذا كله سيحصل ؟
- هي : نعم ، لأنك يهودي ، سيحصل ، وستقومُ الدنيا ولن تقعد
- هو : ولكنني أريد الزواج منكِ وليس قيامة للدنيا
- هي : وإنني سأتنازل عن أشياء كثيرة بشأنك ، ولن أتنازل عن اعتناقك للإسلام
- هو : لماذا هل تشكين في فحولتي ، أريّـك ، إن أردتي ؟
- هي ( تصرخ من الخجل والحياء وتقول بصوت عال ) : ماذا تريني يا اسحاق استحي ، استحي أرجوك ، قد تماديت اليوم إلى مالا نهايـة ..
- هو : هون عليكِ ما قلتُ ما يريب .
اقتربت إحدى أخواتها تسأل : ما الخطب ؟
هي : لا شيء إنما إسحاق قص لي لتوه قصـة خياليـة فلم أتمالك نفسي
أختها : حسنا ، عندما تنتهي يا اسحاق، أعد سرد القصة علينا
هو : حسنا سأفعل
( بعد أن ابتعدت أختها )
هي : صدقت الفتاة أنها قصة من واقع التشويق ، لا تعرف أنها مسألة أعجبُ من الخيال
هو : توقعتُ أن يكون وقع الحب خيالا ، ولكن ما تصفينه ُ فوق الخيّال
هي : اسمع إسحاق ، إن كنت تحبني كما تدعي ، فذاك شرطي أن تعتنق الإسلام وإلا فأنسى مسألة الزواج مني
هو : لا لا يمكن ، أحب أن أعاشركِ بالحلال ، فأنا لا أتخذ الخدائن
هي : ( باندهاش وحنق وعصبية ) أهــااا ، وهل قيل لك ، أنني سأعدل عن الزواج ، إلى منزلة الخدينات ، برايك امرأة رفضت الزواج بك وكنوزك ، هل ترضى بدونية المعاشرة المحرمـة
هو : لا ، وألف لا .. أنت أعفُ من ذلك
هي : أشكرك ، والآن ارفع فاصلا إعلانيــا ، وتوقف عن حديثك هذا ريثما استوعبُ كل ما قلتــه
هو : وماذا عن قبلة المغادرة
هي : ماذا ، أضحكتني ، بعد حديثك هذا ، زمن القبل ولّـى ، بل وسأعاملك كاجنبي لن اكشف حتى وجهي في حضرتك بعد اليوم
هو : لا ، هذا كثير ، أنتِ تعاقبينني ،،
هي : هذا جزاء المتمادين من اليهود ،، مسالمين كانوا ، أم معتدين
هو : لا أقبلُ هذا ، نحن اليهود ، جنس سامي ، ظننتكِ ستفرحين بعرضي هذا
هي : ألم تعلم أن كل معروض بائر ،، مشكلتكم أيا يهود ، تلك النفخات الكذابة التي زرعوها فيكم منذ الصغر
إنك ذو خلق يا اسحاق وتربيتك حسنة ، ولكن مغالطات اليهوديـة تجري في دمك ..
هو : ماذا تعنين ؟
هي : أنا لا أفرقُ بين جنس البشر ، والجميع عندي سواسيـة في القانون الإنساني ، ومقياس التقوى عند الله وحده .. ثم لك مثل الذي لي وعليك مثل الذي علي ، ولا عدوان إى على الظالمين .. وهذا القانون العام للناس
هو : نعم أنتِ تصلحين حاكمـة لكوكب الارض ..
هي : لأنني مسلمة ، أفلا تؤمن بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم ، خاتما للأنبياء
هو : أؤمن بذلك ، ولكنني على ملتي اليهوديـة
هي : معقدة هذه المسألـة فعلا .. وأريد فتوى فيها ، أكاد افتتنُ بإصرارك العجيب ومنطقك
هو : ومن سيسعفكِ بالأمر
هي : سأسأل علماءنا
هو : لن يفتوكِ ، تحكمهم النظرة العنصرية للجنس اليهودي ، إنهم يحقدون علينا
هي : لا ، لا نحقد عليكم ، ولكن اليهود كما ترى تعيثُ في الأرض فسادا
هو : وهل تزرُ وازرة ٌ وزرَ أخرى ؟
هي : لا ، حاشا لله
هو : إذا فكري في المسألة ، واتركي لي الفرصـة أقنعُ أهلكِ
هي : تضحك بملء فيها ، وتضحك ، وتضحك
هو : كم هي رائعة ضحكتكِ ، أنغام أنغام
هي : شر البليّـة ما يُضحك
هو : ( وقد تغيرت ملامحه ) : هل أنا شر ،، هل أبدو لكِ قبيحا
هي : ثق بنفسك ، الشرُ في عجيب ما تعرضه لا في شخصك ،
هو : حسنا أسمحي لي بقبلـة أخيرة قبل مغادرتك ، ولن أطلب منكِ غيرها إلا بعد أن توافقي على الزواج مني
هي : ولا حتى تلمسني ، ما عدت طفل الأمس ،، كل ما في الأمر أنني سأعيد النظر في علاقاتي كلها ،، حتى لا يظهر لي مجوسيـا في المستقبل يطلب الاقتران بـي .
هو : ( يضحك ) لن ألوم أحدا ، لو تمناكِ ،، ولكنني لن اسمح لكِ بالزواج بغيري ،
هي : حسنا ، لا تنسى أن تقص القصــة الخيّالية لأخواتي قبل مغادرتك
هو : وماذا أقص لهم ، هل أقص ما دار بيننا ؟
هي : أفعلها ، لكي يمنعوك من دخول المنزل للأبد
هو : يا إلهي ، نظرتكم قاصرة ، وتدعون أن الإسلام ، أعطى الجميع حقهم .. أين حقي منكم ..
هي : هذا ما سأستفتي في أمره ..